بشهر تمّوز سنة 1948 طلعوا إهل بلدنا (الشجرة) منها بعد معركة كبيرة مع اليهود استشهد فيها حوالي العشرين شب، أوّل إشي كل الشجارنة هجّوا عكفر كنّا وطرعان والعزير وطبريّا والناصرة، اللّي راحوا عطبريّا كمّلوا طريقهن عالأردن، وفي كم عيلة ضلّوا بالناصرة وطرعان، والباقي شدّوا علبنان. جدّي أبو هويّن كان أعمى بسبب الجدري من وهو صغير، وكان عمره حوالي الأربعين سنة وقتها، طلع هو وستّي وأبوي وعمّي وعمتي مع هالعالم علبنان، وقعدوا كم شهر بعنجر، بعدين صارت الناس تروح عسوريا بالترين، ركبوا بالترين على حلب وانتهى فيهن الحال بحارم. هناك ضلّوا كم شهر كمان، جدّي الله يرحمه ويرحم أمواتكو ما عجبوا الحال هيك، أقنع بعض إهل بلدنا ينزلوا على حمص، أوّل إشي سكنوا بالجوامع بالضبعة، بعدين بالمدارس بالخالديّة، بعدين بالبركسات بثكنة خالد بن الوليد اللي صار إسمها مخيّم العائدين. وهناك تزوّج أبوي بعد ما أخذ البريڤيه وصار أستاذ بالوكالة، بعدين أخذ البكالوريا وسجّل بالجامعة بالشام، أنا ولدت سنة الستّين وبتذكّر إنّي رحت مع أبوي عالشام لمّا راح يجيب شهادة الليسانس بالتاريخ سنة الأربعة والستّين، بعدها أبوي سافر يشتغل بالسعوديّة وكان يرجع بالصيف عمخيّم حمص، يعني صار معو شويّة مصاري، فقام جدّي قال له خلّينا ننقل عالشام، الشام شامة الدنيا وأقرب عفلسطين، ولمّا تصير الرجعة بيكون مشوارنا أسهل. وهذا اللّي صار، وقتها أبوي كان بيقدر يشتري بيت بأي مكان بالشام، بس جدّي قال: لأ، أنا بسكنش غير بالمخيّم، مخيّم اليرموك، بين إهلنا وربعنا، وعشان تضّل ريحة فلسطين وإسمها بقلوبنا عبين ما نرجع، جدّي أبو هويّن كان شاعر وراوية ومتحدّث رهيب، كان يطلب منّي أقرأ له الشعر ويحفظه من أوّل مرّة، وكان يتباهى إنّو أعمى، لأنّه لمّا انعمى وهو صغير كان بالشجرة، و الشجرة بعدها بين عيونه، ما شاف بلاد بعدها.

ابو عاطف اياد حياتله