حبيبتي العدو – أحمد عزام

ريجنسكي الصهيوني مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر , كان لابس العباية الأفغانية وحامل مسبحتو وواقف بين الجهاديين وهوي عم يلقي أهم خطاب جهادي ممكن نسمعو من أعتى الجهاديين عن ضرورة تحرير الأرض من السوفييت الكفار و الملاحدة وقتلة الاطفال المسلمين وحارقي المساجد.

وبنفس هاد الوقت كان أسامة بن لادن عم يتتلمذ على إيد مؤسس القاعدة عبد الله عزام يلي فتحتلو أميركة والمملكة العربية السعودية كل الإمكانيات المادية والتدريبية لبداية نشوء الحركات الجهادية يلي صارت متل مالنا شايفينها بالقرن الحالي,
والمفارقة المضحكة إنو بعد انتصار المجاهدين على الروس واللي تسبب بانهيار الاتحاد السوفييتي لاحقاً
استقبل الرئيس ريغان الجهاديين بالبيت الأبيض وسماهون مشاعل الحرية الشبيهين بالآباء المؤسسين لأميركة وتم اطلاق صاروخ كالومبيا للفضاء الخارجي بإسم هؤلاء الجهادين وعلى الهواء مباشرةً … هاللوليا

عالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان بقول جملة مهمة كتير “إن التاريخ يكرر نفسه مرتين مرةً على شكل مأساة وأخرى على شكل ملهاة”
وبالفعل بليلة وضحاها تحولووا الجهاديين من مشاعل الحرية, لأهم عدو بهدد حضارة الغرب الأميركي والأوروبي, لإنو وبحسب المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد بكتابو تغطية الاسلام ” كان لا بد للغرب دائماً من أن يخترع عدو طائش وهمجي لا ينتمي إلى الحضارة الانسانية”, واللي هيه حضارة الغرب طبعاً, لإنو خطاب النهضة الحداثي والعقلاني عند النخب السياسية الأوروبية المتلاحقة كانت تتبنى مقولة وحدة “قل لي من عدوك أقل لك من أنت” بحسب عالم الاجرام الايطالي آمبرتو إيكو.
وهاد اللي خلى ألكساندر أرباتوف” المستشار السياسي للاتحاد السوفييتي يوجه رسالة للغرب بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وقلهون “سوف نقدم لكم أسوأ خدمة في التاريخ, سوف نحرمكم من العدو”

ليش هي الحاجة الدائمة لخلق العدو, معقول هاد العالم ما بيقدر يعيش بسلام ومن دون أعداء؟
بيدو إنو إزا بدنا نستنى الجواب من التاريخ فرح نكتشف إنو هاد التاريخ هوي تاريخ الأعداء المهزومين والمنتصرين,
لإنو كل أمة كانت تحدد وجودها وصفاتها الخاصة من خلال تحديدها للعدو والصديق واللي برأي الفيلسوف النازي كارل شميت إنو مهمة تحديد العدو هيه مهمة السلطة السياسية الأولى, وهاد االلي خلا المجمتمع الالماني اللي كان مجتمع متعلم ومتحضر, يمشي ورا الدعاية النازية اللي كانت تنمط كل أعداءها بصفات تجردهون من إنسانيتهون واللي انتهت بالمحرقة النازية يلي بيعتبرها زيجمونت باومان استمرار للسياسة العقلانية بالغرب وهيه أبداً مالها خطأ تاريخي على قد ما إنها نتيجة حقيقية لهي السياسة يلي لا زالت مستمرة حتى الآن بعد ما تحول العداء من اليهود للشيوعية وصولاً للأسلام وربطو بالإرهاب من أجل تحقيق أطماع السيطرة والنهب وشن حروب همجية على شعوب فقيرة متل العراق وأفغانستان بِصَّورها الغرب بإعلامو على إنو هيه التهديد الحقيقي المتربص بالحضارة الغربية

بشار الأسد لما طلع بأحد خطاباتو وهوي عم يخبر الناس عن الإرهابيين من قبل ما يطلعون من سجونو وينشرهون بالمناطق الثائرة, كان عم يتبع ذات سياسة صنع العدو يلي خلت فئات من الشعب السوري تتعامل مع الثائر بالمناطق المجاورة على إنو كائن آخر بينتمي لدولة مختلفة, وصار أي شخص ضد النظام هوي عبارة عن عدو مشارك بالمؤامرة الكونية. وكانت وسيلتو الاساسية لصنع هدا العداء بين الشعب الواحد هوي الاعلام اللي صار يودي للأقليات رسالة بتعبر عن شي واحد إنو إزا الثورة انتصرت فمصيركون رح يكون التشريد والقتل, لهيك قدر النظام يمارس المئات من المجازر على المناطق الثائرة من دون ما يتحرك عند الفئة التانية ولو شقفة صغيرة من وخز الضمير ..
بس مع هيك في فرق كبير بين إنك تصنع العدو من أجل إنك تحدد هويتك الوطنية يلي بتميزك عن الآخرين وبين إنك تصنع العدو مشان تعمل دولة بتقصي سكانها الأصليين وبتتفصل على مقاس بوسطارك العسكري ..
يمكن مشان هاد السبب الدول العظمى بتسكت عن هدول المجرمين لما ينتصروا عالشعب الأعزل … لإنو بالآخر, من شابه أباه .. فما ظلم

حول أحمد عزام

خريج علم اجتماع من جامعة دمشق، باحث اجتماعي، وكاتب سيناريو , لديه العديد من الدراسات والمقالات المنشورة

شاهد أيضاً

لاجئ المواصفات القياسيّة-إياد حياتلة

أنا اللاجئ المتسلسل، المتكرّر التشرّد والهجرات، المتنوّع أماكن النزوح، المتعدّد الهويّات المتآلفة المتناقضة، خَطوتُ الخطوة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *