حاولت أن أكتب هنا بلا هوية، فما يهم إن كانت تغريد التي تكتب أو خديجة؟
لأي حد قد تهم الآخرين هذه الهوية الملصقة على وجوهنا، فمن يكترث لعلامات وجهي المميزة أو لحرف الغين الذي يتوسط اسمي للأبد؟ ما يهم إن كان لسمرتي نصيب من شمس المخيم أم لا؟ من يهتم للون بشرتي حيث لن ينعكس على حرفي أبداً.. كل ما يهم أن اسمي قد يحصل على إعجابات أكثر أو أقل ربما حسب الشلة التي أنتمي لها..
حاولت أن اختفي لقناعتي المسبقة بالشللية المصاب بها مخيم اليرموك منذ زمن، ولأنني بلا أصدقاء في مخيم يتكور الجميع حول أنفسهم قطاطاً مدللة في الشتاء، كل اسم يجمع حوله ما حوله ويتكتل تماماً كالحليب الذي يفشل معي دائماً عند صنع المهلبية..
ها أنا اكتب بهويتي التي لا تهم أحد على الإطلاق.
لطالما أحببت المخيم ربما بذات القدر الذي كرهته فيه.. هذا تناقض يعيش معي كل يوم ولا يفارقني أبداً، أسب المخيم وأدافع عنه، أسب المخيمجية وأنتمي لهم من أخمص قدمي إلى قلبي.
مخيم اليرموك خليط من الجنون والمجانين، غابة لسهرات الشلي التي تبدأ بضحكة وقد تنتهي بسكين في خاصرة. تلال من العاشقين، بستان الحشاشة، مدينة من المثقفين، لوحة من بلاد.. وبقعة من حب.
«محطة سمير» مساحة للتناقضات التي نعيشها كل يوم، محطة للخرابيش التي لن تتسع لها حوائط المنفى ولا الورق، مساحة حيث القلب يفرغ كل التجليات دفعة واحدة دون الاكتراث لما هو واجب ومسموح، بعيداً عن بروتوكولات المجاملة، وسيارات الأمن وأقلام كتيبة التقارير، وبعيداً عن تصوير المخيم على أنه ساحة النضال المعصومة عن خطأ..
محطة سمير خليط من جميع السكارى الذين بكوا وضحكوا وتشاجروا وسهروا على باب سمير.. جميعهم نثراً في كلمات.