كان لجاد ثلاثة أخوة، بنت واحدة اسمها جميلة وصبيان جواد وجهاد، اعتادوا جميعاً على اللعب في حديقة منزلهم الخلفية. كان الأربعة على خلاف دائم فبينما كان أخوته الثلاثة يحبون الألعاب الجماعية لعبة الاختباء غالباً كان جاد يفضل اللعب بطائرته وحيداً بعيداً متمنياً لو أنه الطفل الوحيد لهذه العائلة الكبيرة، مثل صديقه جوزيف رغم أن صوتاً عميقاً كان يتردد دائماً في أحلامه قائلاً احذر مم تتمنى.
في يوم مشمس خرج الأخوة للعب في الحديقة، كانت السماء صافية تماماً لا غيوم تتلبد في الأفق ولا نذير بمطر قادم، يومها استطاعت جميلة بطيبتها وذكائها أن توفق بين الأخوة جميعاً، واتفقوا فيما بينهم على لعبة “الطميمة”. كان على جاد أن يعد للعشرة بينما يختبئ البقية ثم يبدأ البحث عنهم، بدأ بالعد:1ـ 2 ـ3 …. تلصص بطرف عينه، رآهم يتكومون خلف جدار الغرفة التي تحتوي على المضخة المستعملة لري الحديقة… 9ـ 10، فتح عينيه وقبل أن ينطق حلقت طائرة في الأفق، فتنته، فتبعها! إنه يحب الطائرات وززززززززززززز.. طاااااااااااااااخ… بوووووووووووووووووم.
كم هي مزعجة: قال. يجب ألا أحب الطائرات بعد اليوم.
ابتعدت كثيراً لم يعد بإمكانه ملاحقتها، تذكر اللعبة، الطميمة والأخوة الثلاثة، عاد راكضاً مسترجعاً قوانين اللعبة أغمض عينيه من جديد وهو يصرخ: فتّح ورد الجوري. توجّه نحو الجدار فتح عينيه لكنه لا يرى، تحسس المكان بيديه، الجدار أمامه لكن فجوة بحجم أخوته الثلاثة تشكلت فيه. شعر بالفزع، نقل يديه إلى قلبه ثم إلى عينيه وغاااااااب.
خمس سنوات مضت، جاد اليوم يتنقل بمساعدة عكاز ويعاني من ضعف شديد في البصر.
كم عمرك يا عزيزي؟!
“أنا عجوز في الخامسة عشرة” ويضحك.
أضحك مسايرة له، زافرة مراراً في قلبي وأقول: طيب، حدثني عنك قليلاً.
“لجأتُ إلى هنا بحثاً عن علاج، لكنني سأعود يوماً لأزرع ثلاث شجيرات ورد لتغلق فجوة كبيرة تشكلت في جدار غرفة المضخة!
اسمي جاد كان لي ثلاثة أخوة، جميلة، جواد وجهاد، ومنزل كبير بحديقة خلفية تطل على الأفق.
لكنني لم أعد أحب الطائرات !